تصاعدت سحابة من الدخان فوق مدينة المكلا الساحلية اليمنية يوم الثلاثاء، في تذكير صارخ بأن السلام الهش في الدولة التي مزقتها الحرب يترنح على شفا الهاوية. قصفت الطائرات الحربية السعودية المدينة في خطوة أثارت صدمة في جميع أنحاء المنطقة، مستهدفة ما زعموا أنها شحنة أسلحة من الإمارات العربية المتحدة متجهة إلى القوات الانفصالية. هذا العمل العدواني، الذي يتكشف على طول شريان تجاري دولي حيوي، أشعل المخاوف من تجدد حرب أهلية وتصاعدها، مما يهدد بإغراق الخليج في حريق أوسع.
اليمن، الأمة الغارقة في التاريخ القديم والمتموضعة استراتيجيًا على مفترق طرق أفريقيا والشرق الأوسط، دمرها الصراع لأكثر من عقد من الزمان. الحرب الأهلية، وهي نسيج معقد منسوج بخيوط من المظالم الطائفية والتنافسات السياسية والتدخلات الخارجية، تركت البلاد في حالة خراب وشعبها في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية. يؤكد التصعيد الحالي على عدم الاستقرار العميق الجذور الذي لا يزال يعصف بالأمة، وهي الأمة التي كانت بمثابة بيدق في لعبة جيوسياسية أكبر.
كان الدافع المباشر للغارات الجوية السعودية هو التوسع الأخير للمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، وهي جماعة مدعومة من الإمارات العربية المتحدة. هذا الشهر، سيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على محافظات رئيسية، بما في ذلك حضرموت والمهرة، الغنية بالموارد النفطية، مما زاد من تحدي سلطة الحكومة المعترف بها دوليًا. إن إعلان الإمارات العربية المتحدة اللاحق عن انسحابها من اليمن يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى الوضع المتفجر بالفعل، مما يثير تساؤلات حول مستقبل مشاركتها وفراغ السلطة المحتمل الذي ستتركه وراءها.
تقول الدكتورة فاطمة الحوثي، المحللة السياسية اليمنية المقيمة في الدوحة: "الوضع في اليمن محفوف بالمخاطر بشكل لا يصدق". "الغارات الجوية السعودية هي تصعيد خطير يمكن أن يخرج عن السيطرة بسهولة. يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بحزم لمنع اندلاع حرب أهلية شاملة من جديد".
إن الصراع في اليمن ليس مجرد شأن محلي؛ بل له تداعيات عميقة على الأمن الإقليمي والعالمي. إن الموقع الاستراتيجي للبلاد على طول مضيق باب المندب، وهو ممر ملاحي حيوي للتجارة العالمية، يجعله نقطة اختناق حاسمة. أي تعطيل لحركة الملاحة البحرية عبر هذا المضيق يمكن أن يكون له عواقب اقتصادية كبيرة على العالم. علاوة على ذلك، فإن تورط قوى إقليمية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة يؤكد على التنافسات الجيوسياسية الأوسع التي تتكشف في اليمن، مما يحولها إلى ساحة معركة بالوكالة.
مستقبل اليمن معلق في الميزان. يعد التصعيد الأخير بمثابة تحذير صارخ من أن عملية السلام الهشة معرضة لخطر الانهيار. ما لم يتم بذل جهد متضافر لتهدئة التوترات ومعالجة الأسباب الكامنة وراء الصراع وتعزيز الحوار الشامل، فإن اليمن يخاطر بالانزلاق إلى حرب أهلية أعمق وأكثر تدميراً، مع عواقب كارثية محتملة على المنطقة والعالم. يجب على المجتمع الدولي إعطاء الأولوية للدبلوماسية والمساعدة الإنسانية لمنع المزيد من المعاناة وتمهيد الطريق لسلام دائم ومستدام.
Discussion
Join the conversation
Be the first to comment