علقت رائحة المطهرات المعقمة في الأجواء، كتذكير دائم بهشاشة الحياة. بالنسبة لـ ج. س. بارك، وهو قسيس متعدد الأديان في مستشفى تامبا العام، لم تكن هذه البيئة مجرد مكان عمل؛ بل كانت فصلًا دراسيًا بالمعنى الأعمق. في البداية، أدى التعرض المستمر للصدمات والفقد إلى إثارة قلق شديد. وجد نفسه تطارده فكرة أن كل لحظة يقضيها مع أحبائه قد تكون الأخيرة. ولكن حدث شيء غير متوقع. بمرور الوقت، تحول "قلق الموت" إلى تقدير قوي للحاضر، وهو درس تعلمه بجانب أسرة المحتضرين.
يلعب القساوسة مثل بارك دورًا حيويًا في الرعاية الصحية، حيث يقدمون الدعم الروحي والعاطفي للمرضى وعائلاتهم، بغض النظر عن خلفيتهم الدينية. إنهم يتعاملون مع المعضلات الأخلاقية المعقدة، ويوفرون أذنًا صاغية خلال لحظات الأزمات، ويساعدون الأفراد على إيجاد معنى وراحة في مواجهة المعاناة. عملهم هو شهادة على الحاجة الإنسانية الدائمة إلى التواصل والهدف، خاصة عند مواجهة الموت.
بدأت رحلة بارك بالتعمق في حقائق رعاية الصدمات. يتذكر قائلاً: "رأيت كل الطرق التي يمكن أن يصاب بها الناس، خاصةً العمل في مركز علاج الصدمات". هذا الوعي المستمر بالضعف غذى قلقه في البداية. كان يجد نفسه يركز على أسوأ السيناريوهات، ويتخيل الخسارة المحتملة لزوجته وأطفاله. ولكن بينما كان يقضي المزيد من الوقت مع المرضى الذين يواجهون موتهم، بدأ يرى الأمور بشكل مختلف. لقد شهد شجاعة ومرونة ورغبة عميقة في تحقيق أقصى استفادة من الوقت المتبقي لديهم.
يشرح بارك قائلاً: "عندما يكون الموت في طليعة ذهنك، فإنه يجبرك على مواجهة ما يهم حقًا". بدأ يمارس الامتنان بنشاط، ويركز على مباهج الحياة اليومية البسيطة. بذل جهدًا واعيًا ليكون حاضرًا تمامًا مع عائلته، ويتذوق ضحكاتهم ويعتز بلحظاتهم معًا. بدأ أيضًا في مشاركة رؤاه على Instagram، مستخدمًا منصته لتشجيع الآخرين على احتضان اللحظة الحالية.
لقد حولت التجربة فهمه لأولويات الحياة. أدرك أن الممتلكات المادية والإنجازات الخارجية تتضاءل مقارنة بأهمية العلاقات والتجارب الهادفة. لقد تعلم أن الثروة الحقيقية تكمن في الروابط التي نقيمها مع الآخرين والتأثير الذي نحدثه في حياتهم.
تسلط قصة بارك الضوء على حقيقة عالمية: يمكن أن تكون مواجهة الموت حافزًا قويًا للنمو الشخصي. من خلال الاعتراف بحتمية الموت، يمكننا أن نتعلم كيف نعيش بشكل أكمل ونقدر قيمة كل لحظة. تقدم رحلته من القلق إلى التقدير درسًا قيمًا لنا جميعًا.
Discussion
Join the conversation
Be the first to comment